كتابة -مهندسة معمارية /عزة رضا أبو السعود

مقدمة

الحدائق وتصميمها هو ما سنركز عليه اليوم بعدسة معماي والمقصود بتنسيق الحدائق هو تحويل بقعة من الأرض إلى صورة حية ينبعث الجمال من كل نواحيها،وفن تنسيق الحدائق كباقي الفنون له بعض القواعد ولكنه يتطلب خيال وذوق سليم .

وسنقدم لكم في هذه السلسلة المميزة العديد من العناصر التي ستفيدكم في تصميم الحدائق فتابعونا

وللتعرف على أسس تصميم وتنسيق الحدائق والموقع العام الجزء 1 – بعدسة معمارى (byarchlens.com)

وسنتطرق لمناقشة التساؤلات التالية :

• كيف نصمم الحدائق لتكون مكان مميز ومريح لروادها؟
• وكيف نجعل الحدائق أكثر تناسقاً وجمالاً بأبسط الطرق؟
• وهل يمكن جل الحديقة مكان يضمن الهدوء والإشراق والحيوية؟

  أولاً سنتطرق لنظم تصميم الحدائق سواء كانت كبيرة خاصة بفيلا أو صغيرة خاصة بمنزل وفق النظم العامة للتنسيق التي يتم العمل بها حتى في الحدائق العامة:

نظم تنسيق الحدائق

*التصميم الهندسي المنتظم:

يتميز بالتماثل ويكون ثنائيًا أو رباعي أو دائري ففي التماثل الثنائي ينقسم الموقع إلى قسمين بمحور طولي ويكون كلًا منهما متماثلين وتكون الممرات متوازية الأضلاع والاحواض مربعة أو مستطيلة

أما التماثل الرباعي فهو يقسم الموقع لأربع أقسام بمحورين متعامدين وتنسق الاقسام بطريقة واحدة ويمكن استخدام هذا النظام في المواقع المستوية المربعة والمستطيلة

وفي التماثل الدائري يراعى التكرار بأشكال دائرية أو بيضاوية حول مجسم كنافورة أو حوض زهور

*يتلاءم هذا النظام مع الحدائق المنزلية الصغيرة، حيث يعتمد التصميم على عمل أحواض ومناظر صناعية وزراعة بشكل منظم مثل مثلثات ومربعات وخطوط بشكل هندسي.

*التصميم الطبيعي 

هو نظام يحاكي الطبيعة حيث لا يوجد تناسق هندسي فتكون  الممرات ملتوية و الأرض يوجد  فيها منخفضات و مرتفعات و غيرها من سمات الحدائق الموجودة بالطبيعة.

المسطح الاخضر يجب أن يكون هو العنصر السائد في التصميم ويجب أن يكون مكشوفًا وغير مسور او محاط بأحواض زهور

ويكون توزيع النباتات بطريقة عشوائية ويفضل استخدامه في الحدائق العامة والمنتزهات ذات المساحة المكبيرة

*التصميم المزدوج

وهو نظام يشمل الهندسي و الطبيعي حيث نقوم بمزج النظامين مع بعظهما حيث يمكن مثلا ترك الأرض غير مستوية و عمل أحواض هندسية مثلثة أو مربعة او دائرية , أو العكس حسب الذوق و ما تراه مناسب.

يهدف هذا النظام لكسر حدة الخطوط الهندسية ويحررها ويطوعها للبساطة

*التصميم الحديث 

و هو نظام لا يتقيد بأي من الأنظمة السابقة فهو نظام حر يمكن أن نقسم الحديقة لزوايا  و كل زاوية يوجد فيها فكرة مستقلة أو وجود ربط بالألوان و غيرها من الأفكار التي لا تتقيد بأي نظام وتعتمد على ذوق و خبرة المصمم و المنسق للحديقة .

ثانيا سوف نوضح الأسس التي تجعل الحديقة مريحة لروادها وتتوافر فيها جميع المميزات إن امكن مع محاولة معالجة المساحات الصغيرة للحدائق.

بعض الأسس الواجب توافرها عند تنسيق الحديقة

*محاور الحديقة : وهو عبارة عن خط وهمي أو اكثر من خلاله يمكن تقسيم الحديقة ليسهل تنسيقها و تزينها.
*الوحدة و الترابط : وهو يضمن أن تكون الحديقة وحدة متكاملة مرتبطة ببعضها البعض بواسطة الألوان و المشايات و غيرها من الأمور التي توحي للناظر أن الحديقة وحدة مترابطة.

ويمكن إضفاء الوحدة عن طريق:
-زراعة سياج حول الحديقة
-إقامة حدود نباتية
-ربط أجزاء الحديقة بمشايات من نفس الخامات
-تكرار مجموعات نباتية متشابهة في اللون أو الصنف

* التناسب و التوازن: وهو تصميم الحديقة بأحجام متناسبة مع بعضها بالطول ، الحجم و عدم زراعة أشجار كبيرة أمام البيت أو نباتات صغيرة خلف حائط وغيرها من الأمور التي توحي بعدم وجود تناسب وتوازن بالشكل.

ويمكن تطبيق هذه الخاصية بسهولة في النظام المتماثل أما النظم الغير متماثلة يلزمها عناية أكبر لإظهاره فمثلًا تزرع شجرة كبيرة في أحد الجوانب يقابها مجموعة شجيرات في الجانب الأخر ويجب أن يتساوى الاثنين في جذب الانتباه ولا يتفوق أحدهما على الأخر

*السيادة: وهو عنصر أساسي موجود بالحديقة يجذب الداخل للحديقة بمجرد دخوله وهو عنصر مهم تدور من حوله جميع العناصر ومن ثم تنسق الأمور الأخرى حسب شكله و ما يلائمه من تنسيق ومن الممكن أن يكون العنصر السيادي هو البيت و تنسق الحديقة من حوله أو يكون نافورة و تنسق الحديقة من حوله حسب ما يلائمه ..
و هكذا.

*النعومة والبساطة : حيث أن كثرة العناصر بالحديقة تشتت الانتباه وتوحي بعدم الراحة فلا تكثر من الممرات وتزيد من المساحة الخضراء وغيرها من الأمور التي تظهر الحديقة مبالغ فيها.

*التكرار: يجب اتنباع التكرار في بعض مكونات الحديقةبحيث تحقق التتابع بدون انقطاع لربط أجزاء الحديقة كزراعة بعض الأشجار على الطريق أو مجموعة نباتات تتكرر بنفس النظام

ويجب منع التكرار الممل عن طريق وضع بعض العناصر المميزة

*أهمية المبنى : هو العنصر السائد في الحداثق الهندسية ولكنه عنصر مكمل في الحدائق الطبيعية ويجب إبرازه مع مراعاة عدة عوامل:
-يجب ألا تتنافر ألوان المبنى مع ألوان الحديقة
-يزرع حوله نباتات حيث يذوب المبنى في تصميم الحديقة مع مراعاة تدرج الارتفاعات

الصور توضح أهمية المبنى ودمجه مع الموقع المحيط

*الاتساع: حيث يمكن للناظر مشاهدة جميع أجزاء الحديقة و لا يوجد شيء مخفي وعدم إقامة منشأت عالية أو أشجار مرتفعة, و يحدث ذلك من خلال زيادة المسطح الأخضر و عدم تقسم الحديقة و جعلها قطعة واحدة و عمل الأحواض على جوانب الحديقة و ليس بالوسط و زيادة المشايات  و غيرها من الأمور التي تشعرالمستخدمين  بالاتساع.

الاستفادة بالمناظر المجاورة إذا كانت جميلة وفي حالة صغر مساحة الحديقة الخاصة يلجأ المصمم إلى عدم إنشاء ممرات بل يوضع أحجار متساوية على المسطحات الخضراء أما الحدائق العامة تكون الممرات متعرجة لتعطي احساس بالاتساع

وإليكم بعض النصائح من أجل الشعور بالاتساع في الحدائق ذات المساحات الضيقة:

-عدم استخدام أشجار عالية وتصغير حجم المقاعد.

-الاهتمام بزيادة رقعة المسطحات الخضراء مع عدم زراعة نباتات وسطها.

-عدم إنشاء طرق ومشايات في الحدائق الصغيرة وفي المقابل  توضع أحجار مستوية أو بلاطات.

-زراعة الأزهار على حدود الحديقة وليس وسطها ويراعى فن تنسيق الألوان.

-وأيضآ لإعطاء الحديقة اتساع يمكنك زراعة نباتات ألوانها باردة مثل الأزرق والرمادي والأخضر الفاتح وزراعة شجرة ذو جذع أملس ناعم في وسط المسطح.

*توافق الألوان: حيث أنه من المعروف أن اللون الأخضر هو السائد في النباتات و عليه يتم إدخال ألوان أخرى متناسقة معه و غير منفرة و متدرجة و لها دلالات توحي بالراحة و الاتساع و التناسق.

ويفضل الاستفادة من الطبيعة نفسها حيث يمكن محاكاة المناظر الطبيعية واستلهام التجمعات اللونية منها

الارشادات الواجب مراعاتها  عند اختيار الألوان في الحدائق :

– تحديد الأحواض بالأزهار البيضاء لا يبرزها والأفضل التحديد باللون الأحمر.
-عدم زراعة الأزهار البيضاء في مجموعات أو الإكثار منها لأنها تفسد التصميم وتأثيرها سلبي.
-اللون الأصفر و الليموني الفاتح جيد ليكون خلفية لكل النباتات الزهرية و يعطي قرب هذه النباتات للمشاهد.
-تزرع أحواض الزهور في خليط لا يتعدى أكثر من ثلاثة أنواع من الأزهار مع مراعاة ترتيب الألوان وتوزيعها. 

-دائرة الألوان تحتوي ستة ألوان ك لونين متجاورين ينشأ بينهما توافق (harmony) وكل لونين متقابلين ينشأ بينهما تضاد (contrast)
ويمكن خلط لونين مع بعضهما للحصول على الوان وسطية
-الألوان الدافئة تلففت نظر رواد المكان
-الألوان الباردة عكس الدافئة وتعطي احساس بالاتساع

-اذا كان لدينا مجموعتين من النباتات مختلفة المجموعة اللونية فيجب الربط بمجموعة ثالثة متقاربة لكل منهما

-اللون الأصفر والأخضر الفاتح يمكن ان يكون خلفية لونية لمعظم الألوان

*اختيار النباتات و توزيعها: يتم اختيار النباتات حسب طريقة نموها و توزيعها حسب أماكن الظل و الضوء حتي يكون المكان مناسب لنمو و استمرار النباتات .

اعتبارات هامة عند اختيار النباتات وتوزيع أماكنها

-أن تكون أحجامها وارتفاعاتها لها علاقة بحجم الإنسان حيث تعطى حية الحركة ووضوح الرؤية للشخص الجالس.
– تناسب حجم الأشجار مع مساحة الحديقة فلا تزرع أشجار ضخمة في حديقة صغيرة.
-في حالة زراعة أشجار بجوار المباني أو السور يجب أن تبعد مسافة لا تقل عن 1.5متر حتى لا تؤثر عليها.
– يمكن استخدام النبات بدل من الأسوار البنائية لحجب المناظر غير المرغوب فيها.

– يمكن استخدام النباتات لتحديد وتقسيم المساحات في الحديقة وعزل أماكن للجلوس والاستراحات.
-يتم اختيار أماكن الأشجار لتحد من ظواهر مزعجة كالضوء الساطع والبريق.
-تستخدم الأشجار كصمدات للرياح بوضعها في اتجاه الرياح السائدةة ،ويمكن وضع نباتات ذات روائح عطرية في اتجاه الرياح لنشر الروائح في المكان.
– يتم الزراعة حول المبنى لتجميله وحتى ينسجم تصميم المبنى مع تصميم الحديقة يجب بالتدرج في الارتفاعات.
-يجب معرفة نوع التربة والماء المتوفر في الحديقة حتى تستطيع معرفة نوع النباتات المناسب.

ختاماً:

زادت أهمية الحدائق في الفترة الأخيرة وأصبحت أغلب المجتمعات تلجأ دائما عند الرغبة في البدء في أي مبنى سكني جديد الحرص على تزويده بمساحات خضراء وذلك حفاظاً على المظهر الجمالي أولاً وحرصاً على البيئة من جهة أخرى وتوفير مناخ آمن للسكان حيث نعلم جميعنا مدى ضرورة وجود الحدائق والمساحات الخضراء حيث تنتج الأكسجين بصفة مستمرة وتساهم في تنقية البيئة من التلوث كما أنها توفر أماكن للاستجمام والراحة والهروب من إحساس أنك مجبر على الجلوس في المنزل وما قدمناه في مقالنا هو أبرز أسس تصميم الحدائق حيث أن لها قواعدها ولا تشيد عشوائيا كما يتخيل البعض بل لها أسس تصميم يجب أن تصمم وفقآ لها لكي تصلح أن يلق عليها اسم حديقة.

المراجع:

1-عبد الحميد، منى ، 1393،الحديقة المنزلية  الهية العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية، المطبعة العصرية –الكويت

2-الدستور(13 كانون الأول / ديسمبر 2011) أسس تصميم وتنفيذ وصيانة الحدائق المنزلية: https://www.addustour.com

3-تصميم و تنسيق الحدائق المنزلية: https://www.postroots.com