الخداع البصري .. حل تصميمي أم حيلة !

كتابة – مهندسة معمارية /عزة رضا أبو السعود  & مراجعة ونشر -مهندسة معمارية / إيمان مجدي أحمد (ماجستير العمارة و التخطيط العمراني جامعة قناة السويس )

مقدمة:

الخداع البصري هو أن يرى الناظر الصورة التي أمامه على غير حقيقتها التي هي عليها في الحقيقة وذلك بسبب خداع أو تضليل الرؤية، حيث يحدث الخداع البصري نتيجة أن المعلومات التي تجمعها العين تجري معالجتها في الدماغ بطريقة خاطئة تعطي نتائج غير مطابقة للواقع والحقيقة، والمهم أن أغلب الحيل البصرية التي تجري هي عبارة عن تركيب صور بجانب بعضها البعض بطريقة مدروسة بحيث تعطي النتائج المرجوة منها.

ولكن استخدام الخداع البصري في العمارة له العديد من المزايا حيث يعتمد عليه المعماريين لتوصيل فكرة معينة أو شعور معين كما يمكن التحكم في عناصر ومساحة الفراغ عن طريق الخداع البصري فيجعلك تشعر بالاتساع والحرية في الأماكن الضيقة وغيرها من الأمثلة التي توثر بشكل واضح في العمارة.

فالخداع البصري له تأثير واسع في كافة مجالات العمارة ولهذا سوف نتحدث عنه بشكل مفصل لتوضيح استخداماته في العمارة في سلسة من الموضوعات فتابعونا

وفي هذا المقال سنتحدث عن:

  • 1- تاريخ الخداع البصري في العمارة؟
    2- وما هي أنواعه؟ وقوانينه؟
    3- وكيف تم تطبيقه في الفنون والعمارة؟

بداية الخداع البصري:

– كانت بداية الخداع البصري في العصر الإغريقي حيث أنهم برعوا في أشكال عدة من الخداع البصري وما طمحوا للوصول إليه هو بناء أسقف مائلة بطريقة تبدو وكأنها مستقيمة وكذلك إبراز العمدان إلى الخارج حتى تبدو وكأنها مصفوفة خلف بعضها البعض بطريقة مستقيمة من بعيد.

        ترتيب الأعمدة بأسلوب يظهرها وكأنها إلى الداخل-الخداع البصري

– لم يقتصر وجود الخداع البصري في الحضارة الرومانية والإغريقية فقط بل امتد ليصل للحضارة الإسلامية حيث ظهر هذا الأسلوب الفني في العمارة الإسلامية كذلك عن طريق استخراج زخرفات متداخلة لا يستطيع الناظر تمييز بداياتها أو نهاياتها كنوع من الحاجز وتدعى” المشربية” وتعتمد على ألوان الزجاج والظلال في تشكيلاتها.

زخارف المشربية المتداخلة تجعل الناظر لا يحدد تفاصيلها لاستخدامها كحاجز

– أما في العصر الحديث منذ عام 1930 حيث قام الرسامون باستخدام الفنون التجريدية في التصميمات الداخلية والمعمارية ودمجهما سوياً لذلك كانت تختلف الأشكال القديمة عن الجديدة، وظهر مفهوم آخر من خلال التلاعب فيهما لإعطاء هيئة معينة أو شكل ما وزيادة المساحة، وأصبح هذا التوجه من أبرز التوجهات الفنية المعروفة على المدى القصير والطويل تاريخياً.

أنواع الخداع البصري:

الخداع البصري
تبدو الخطوط مختلفة في الطول لاختلاف شكل السهم-الخداع البصري

أولا : الخداع البصري بالرسم:

1- خداع السهم: تتكون هذا الظاهرة عن طريق استخدام خطوط أو قطع فنية بأطوال مختلفة واتجاهات متعاكسة وتكون متساوية ومتوازية لكنها تظهر لعين المتفرج وكأنها مائلة وغير متوازية وللحصول على هذا الخداع بشكل مميز يستخدم التباين ما بين اللون الأسود والأبيض.

الخداع البصري
تبدو الخطوط المتوازية منحنية في الصورة الأولى ومتعرجة في الصورة الثانية بسبب الأشكال المحيطة-الخداع البصري

2- الخطوط المتوازية: تتم هذه الخدعة عن طريق رسم شريط في سكة حديدية، وترسم الخطوط متوازية إلى الداخل والخارج بأحجام مختلفة لتظهر وكأنها تتحرك إلى الداخل.

3- خداع المنظور: المنظور يترأسه قاعدة أساسية واحدة ألا وهي كل ما هو قريب إلى العين كبير، وكل ما هو بعيد عن العين صغير، لذلك تستطيع ابتكار العديد من فن الخدع البصرية عن طريق التلاعب في مواقع الأشكال في الصورة ويمكن للمصممين تشكيل وتعديل التجربة البصرية للحيزات المصممة من خلال التلاعب بالدور الإدراكي لإضاءة وذلك لتسهيل المهام البصرية وتحديد الحدود البصرية.

الخداع البصري
التلاعب في أحجام الفراغات والعناصر-الخداع البصري
الخداع البصري
التضاد في الألوان يعطي انتقال سريع من حالة لعكسها-الخداع البصري
الخداع البصري
خداع الحيل بخطوط ثلاثية الابعاد علي الارض و الاسقف و الحوائط-الخداع البصري

ثانيا :خداع السطوع والتباين:
وهو الجمع بين طرفي النقيض فالطبيعة والحياة تجمعان بين الشيء وضده فمع الضوء ظلام ومع القصر طول وهو انتقال مفاجئ وسريع من حالة إلى عكسها.

الخداع البصري
تطبيقات للخداع البصري في الفراغات باستخدام الألوان-الخداع البصري

ثالثا : خداع الحيل:
يمكن تحقيق تأثيرات كبيرة عن طريق دمج المعرفة والإدراك، والمعرفة والأوهام البصرية، الحيل البصرية ومعرفة التصميم الداخلي المعاصر

رابعا :خداع اللون:
يعد اللون والضوء العنصر الأساسي في جميع أنواع وأساليب الخداع البصري للتصميم الداخلي

فالألوان تساعد على معالجة الفراغات الداخلية بأن تضيف الإحساس بالاتساع والرحابة أو الضيق. وينبغي أن يستند استخدام اللون في التصميم الداخلي على معرفة إدراك اللون ومعرفة تأثير اللون على الإنسان.

خامسا :خداع الحركة النسبية:

يتحقق الخداع البصري الحركي بواسطة الخطوط المتموجة في تكسية الأرضيات تنتج عنها الإحساس بالحركة والإحساس بالسير على موج البحر.

الخداع البصري
خداع باستخدام التصميم العميق عن طريق اتجاه تصميم السقف و الدهانات و توجيه الاضاءه-الخداع البصري

سادسا :خداع التعبيرات:

تصميمات للخداع البصري المعتمد على التعبيرات يعطي الإحساس بالعمق مع التغير في الحجم.

سابعا :خداع الأشكال المستحيلة:

في هذه الأشكال المبينة يتم تحديد لكل سطح بُعدَين إلا البعد الثالث لا يتم توفيره بشكل واضح ولا يستطيع العقل تحديده وتسمى هذه الظاهرة في خداع البصر باسم الأشكال المستحيلة.

خداع الاشكال الغير منتهيه

ولمعرفة طرق استخدام الخداع البصري في الفراغات يجب علينا فهم بعض قوانين الخداع البصري

بعض قوانين الخداع البصري:

1-kaniza triangle illusion: يكمل العقل الأشكال الناقصة
2- – the ponzo illusion: تبدو الخطوط أطول عندما تكون عند المنطقة الضيقة من خطين متباعدين.
3-The ames room illusion: بسبب ميل الأرض في نصف الغرفة الأيمن يبدو الإنسان أصغر.
4-Hermann grid illusion: تظهر النقاط البيضاء المحيطة بالمنطقة التي يتركز فيها النظر سوداء.

والآن أترككم مع بعض الأمثلة الحية للخداع البصري

الهرم الزجاجي في متحف اللوفر:
تم لصق صورة عملاقة بمساخة 160 ألف قدم فوق ساحة الهرم وستعطي الصورة انطباع بخروج هرم ضخم من بين الصخور كأنه تم استخراجه كالمعادن النفيسة

الهرم الزجاجي بمتحف اللوفر

التصميم الداخلي لمقهى لوغومو:
المقهى قائم على تجربة الوهم البصري من خلال الرسومات التي تم توفيرها في جميع أنحاء الحيز بمسطحاته الرأسية والأفقية بالإضافة إلى وحدات الأثاث من طاولات وكراسي.

التصميم الداخلي لمقهي لوغومو

مبنى الخدمات الجمركية الأسترالي:
كل طابق من طوابق المبنى هو بالارتفاع ذاته وهو مرصع بنقوش الفسيفساء وباللونين الأبيض والأسود.

وفي النهاية نستنتج هذه الملاحظات:

-تعدد الأساليب والحيل المستخدمة في تحقيق الخداع البصري.
-تطبيقات الخداع البصري المتنوعة تحقق رؤية جمالية.
-الخداع البصري عملية يتم من خلالها التأثير على النظام البصري والمعرفي للإنسان من خلال إيهامه بأشياء تبدو غير حقيقية، فيخيل له أن الخطوط الاستاتيكية تتحرك.
-إمكانية تطبيق الوهم البصري في العديد من الفنون البصرية بتقنيات حديثة.
-إمكانية تحقيق الإبداع التصميمي من خلال تطبيقات الوهم البصري

ختامًا:
إن العقل البشرى كثيراً ما يقع في أخطاء بصرية في معالجة وفهم وتحديد الأشكال المحيطة نتيجة الخدع البصرية وهو موضوع تعرض له القدماء وعالجوا أثره في كثير من جوانب حياتهم واستخدمه المعماريين في أغراض عدة حيث أن له دور مهم في ترك أثر وشهور داخل زوار الفراغات التي تحتوي على الخداع البصري كما ان الخداع البصري يعالج الكثير من المشكلات في الفراغات كالإحساس بضيق الفراغ والشعور بالملل في الممرات الطويلة وغيرها من المشاكل التي تم حلها باستخدام الخداع البصري.
وتابعونا لتعرفوا المزيد عن هذا الموضوع في باقي السلسة وإلى لقاء آخر مع فريق عمل موقع بعدسة معماري…

المراجع:
1) مدونة بيوت : تاريخ الاطلاع(1/8/2020) أشهر حيل الخداع البصري في كافة الرسومات والتصاميم:https://www.bayut.sa/blog/
2)سعودي,أميرة :فن الخداع البصري وأثره في استحداث معالجات تصميمة إبداعية في العمارة الداخلية ,جامعة الاسكندية .
3) Twenty Two 22:(29/3/2019) معالجات الخادع البصري في العمارة :https://www.facebook.com/arch.twenty.two
4)صالح عقيل,اثر الفن البصري في العمارة المعاصرة ,كلية الهندسة ,جامعة البصرة.
5)مدونة كيف: (24/4/2020) الخدع البصرية: كيف يمكن لعينك أن تخدع عقلك دون أن تشعر! https://kayf.co/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart
Scroll to Top