العمارة الرقمية ثورة علمية في مجال العمارة 2020

كتابة ونشر مهندسة معمارية / عزة رضا أبو السعود

مقدمة

العمارة الرقمية شهدت ازدياد في معدل التطور في الألفية الثالثة وزاد تغلغلها في كافة مجالات الحياة حيث ظهرت العمارة الرقمية وأثرت على جميع فروع ومجالات العمارة فأصبح التصميم المعماري يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا لأنها المقوم الأساسي والمغذى للمراحل المختلفة لعمليات التصميم المعماري

إذا كيف تطورت العمارة الرقمية؟
وما مجالات استخدام الحاسب الآلي فيها؟
ومن هم روادها العرب؟

وكيف تغيرت المفاهيم المعمارية والعمرانية؟
وما هي عناصر الإنشاء الجديدة؟
وكيف تشكلت الواجهات المعمارية المعاصرة؟
وكيف تأثرت التوجهات والمدراس المعمارية؟

كل هذا سنعرفه اليوم في مقالنا في بـ عدسة معمارى – بعدسة معماري موقع عربي يتناول كل مايخص طلاب العمارة والمعماريون. (archlens.net) ونرجو أن ينال إعجابكم

تتطور العمارة الرقمية:

خلال منتصف القرن التاسع عشر

ظهر تأثير الثورة الصناعية على العمارة؛ ومع التطور الذي لحق صناعة مواد البناء ومنها: الزجاج والحديد والصلب والخرسانة المسلحة وغيرها من مواد. أدى ذلك الى إمكانية الامتداد الرأسي للمباني بصورة غير مسبوقة، وبخاصة مع ابتكار المصعد الكهربائي على يد المخترع الأمريكي إليشالا أوتاليس وذلك عام 1854م

العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – اختراع المصعد الكهربائي على يد المخترع أوتاليس
خلال القرن العشرين

كانت التأثيرات المباشرة للتكنولوجيا على العمارة سواء من ناحية مواد أم أساليب البناء ووسائل التنفيذ وغيرها، والتي بدت من خلال العديد من التوجهات المعمارية التي سادت طيلة ذلك القرن بدءً من عمارة الحداثة وعمارة الطراز الدولي بعد ذلك عمارة الحداثة المتأخرة وصولًا إلى عمارة ما بعد الحداثة وعمارة توظيف التقنيات المتقدمة والعمارة التفكيكية وغيرها

العمارة الرقمية – عمارة التفكيك
التكنولوجيا الرقمية وعمارة نهاية القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين

ظهرت في مجالات العلوم المرتبطة بالحاسب الآلي الذي يتحكم في كافة مجالات الحياة حيث شهدت نهايات القرن العشرين تقدماً بما عرف بمصطلح الثورة الرقمية والتي غيرت شكل الحياة وأنماطها، وكما غيرت تلك الثورة من شكل الحياة في شتى المجالات كان لها تأثيراتها على العمارة؛ حيث تم الاستفادة من برامج الحاسب الآلي من خلال مجالات عدة، لعل من أهمهما مساهمتها في إخراج تشكيلات معمارية جديدة عرفت بمسمى الأشكال الرقمية ومثال على ذلك مطار بكين داشينج الدولي من تصميم ZHA الحائز على جائزة Blueprint 2020 – بـ عدسة معمارى (byarchlens.com) ولمعرفة المزيد عن هذا المنى شاهدوا هذا المقال

العمارة الرقمية – مطار دايشنج ببكين

مجالات استخدام الحاسب الآلي في العمارة

جمع المعلومات

جعل الوصول للمعلومة أسهل كثيراً من خلال البحث في المواقع والدوريات المعمارية والمكتبات الإلكترونية ومراكز البحث المختلفة

ويمكنكم الحصول على الععديد من المعلومات عن المواضيع التي تخص العمارة على موقع بـ عدسة معمارى – بعدسة معماري موقع عربي يتناول كل مايخص طلاب العمارة والمعماريون. (byarchlens.com)

وضع البرنامج والفكرة التصميمية

يقوم المعماري بتغذية الحاسب الآلي بالمعلومات عن علاقات مكونات التصميم (العلاقات الوظيفية للفراغات) وكذلك محددات الفراغات ومساحاتها، فتقوم البرامج بإعطاء وحساب البدائل المتاحة التي تحقق المتطلبات بين جميع عناصر التصميم وتقدم لك الحل الأمثل طبقًا للمعطيات

تأثير الحاسب الآلي على المنتج المعماري

ظهرت إمكانيات وتقنيات حديثة في أواخر التسعينات مثل التصميم عن طريق تقنيات الواقع التخيلي (Reality Virtual) ثم ظهر علم تحريك الرسومات (Animation) وهو عبارة عن تخيل المنتج المعماري عن طريق استخدام علوم تكنولوجيا رسومات السينما (Cinematographic) لإعطاء التأثير المناسب للمبنى، أيضاً يستخدم علم التجول خلال المبنى (Through Walk) لتجسيد المبنى بكامل تفاصيله ويمكن التجول في فراغات المبنى الداخلية عن طريق مسارات يتم تحديدها من قبل المصمم، فيمكن للمصمم أن يتلافى أي خطأ قام به عند تصميم المبنى.

العمارة الرقمية – الواقع الافتراضي

التصميم بمساعدة الحاسب الآلي

هناك فرق بين التصميم بمساعدة أو باستخدام الحاسب الآلي، فالتصميم باستخدام الحاسب الآلي يعنى إن التصميم يتم بالطرق التقليدية مع استخدام الحاسب الآلي في التعبير عنها، أما التصميم بمساعدة الحاسب الآلي فيعنى أن الحاسب الآلي له دوراً أساسياً في العملية التصميمية وإن نسق التصميم يسير بطريقة مختلفة عن الطريقة التقليدية فهو عبارة عن دعم الحاسب الآلي بمعلومات منظمة ومرتبة وبرامج مناسبة لدراسة هذه المعلومات وتطويرها، فهو يعد وثبة كبرى في تكنولوجيا تصميم المشروعات المعمارية وخفض تكلفتها، بحيث يساعد في أخذ القرارات التصميمية من الناحيتين التخيلية والموضوعية

رواد العمارة المعاصرة من المعماريين العرب

شهدت فترة السبعينيات من القرن الماضي حتى الآن ظهور العديد من الرواد المعماريين من العالم العربي الذين تركوا بصماتهم الواضحة على خريطة العمارة العربية والعالمية المعاصرة، وقد تمثلت هذه الحركة المعمارية الرائدة بمجموعة من المعماريين العرب الذين تلقوا علومهم من أقطار مختلفة ومنهم المعماريين (جمال بكري وهاني رشيد وطارق نجا وعلي رحيم وزها حديد المعمارية الشهيرة -عراقية وصلت للعالمية – بـ عدسة معمارى (byarchlens.com))

تغير بعض المفاهيم المعمارية والعمرانية إضافة إلى تغيير بعض العناصر المعمارية

فراغات غير مادية

المعماري الذي اعتاد أن يصمم فراغات فيزيائية محددة مادياً بدأ يتعلم أن يصمم فراغات سيبيرية وفراغات ماورائية وتعلم أن هذه الفراغات محكومة بقواعد وقوانين مستجدة أكثر تحررًا من تصميم الفراغات الفيزيائية مما فتح أمامه مجالات فكرية جديدة

المرونة

ظهور درجة عالية من المرونة نتيجة إمكانية تغير (الشكل – النسب – الألوان) كما أضيف لها مرونة الفراغ لاستخدام أكثر من وظيفة (سكن – عمل – دراسة – ترفيه – خدمات مالية – خدمات إدارية – خدمات بريدية – استخراج شهادات – ..)

حرية التشكيل الداخلي

إمكانية إبداع تكوينات لم يكن من الممكن تخيلها لاستحالة رسمها وتنفيذها بالطرق التقليدية ولكن مع إمكانيات البرامج الحديثة أمكن رسمها واستغلال هذه التقنيات في تنفيذها.

الأبعاد المعمارية

اختلاف مفهوم الزمان والمكان والواقع والخيال، وأصبح يمكن إدراك الخيال بالمدركات الحسية [الرؤية – السمع – اللمس – .. إلى غير ذلك].

تحرر العملية التنفيذية من المحددات المكانية:

استخدام التقنيات المعقدة بحثًا عن الراحة والسعادة، والمتعة التي تحتم علينا الاستعانة بالخبرات الصناعية العالمية دون التقيد بالحدود الدولية واستنادًا إلى نظريات ومبادئ العولمة

عناصر الإنشاء في النمط المعماري الجديد

مواد البناء

على المعماري أن يعرف خواص كل مادة من مواد البناء وطريقة استعمالها وأساليب التنفيذ بها وأن يستعملها بما يناسب صفاتها وطبيعتها

وأهم ما يميز المواد الذكية عن المواد التقليدية هي مجموعة من الخصائص التكنولوجية: (القدرة على التغير والتحول بما يلائم الظروف المحيطة – القدرة على الإحساس بالطاقة – سهولة الإحلال والتبديل – خفة الوزن وقوة الاحتمال-  إمكانية التحكم في هذه المواد عن بعد – القدرة على العمل خلال منظومة إلكترونية)

الأسطح الرقمية

من أهم الأمثلة العملية على استخدام الأسطح الرقمية متحف جوجنهايم (Guggenheim) بمدينة بلباو الإسبانية للمعماري فرانك جيري فالكسوة الخارجية المصنوعة من التيتانيوم لأسطح المتحف تم تفصيل وتصنيع كل جزء حسب مكانه على السطح والتقنية المتبعة في المشروع هو أن ماكينات تصنيع ألواح الكسوة كانت موجهة من الملفات الرقمية للرسم التنفيذي للمشروع

العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – متحف جوجنهايم بمدينة بلباو
الوحدات البنائية الرقمية

يعتبر ملعب (أليانز أرينا) لكرة القدم بمدينة ميونخ الألمانية والذي صممه المعماريان الألمانيان (هيرتزوج ودي ميورون) دليلاً على أن الغلاف الخارجي للمبنى سيكون غلافًا رقميًا، فالغلاف الخارجي للملعب مصنوع بالكامل من وسائد مرنة (Pillows) ومملوءة بالهواء، الأمر الذي يجعلها خفيفة للغاية. وتحتوي الوسادة على ثماني وحدات للإضاءة، وتم إنتاج هذه الوسائد بطريقة رقمية، للتحرر من قيود عملية التوحيد النمطي، فكل وسادة لها شكل وحجم يختلف عن باقي الوسائد

العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – ملعب أليانز أرينا لكرة القدم

التشكيل في الاتجاهات المعمارية المعاصرة

وهنا يمكن إيجاز أثر الاتجاهات المعمارية المعاصرة على التشكيل العام للمبنى من خلال النقاط التالية:

– الحصول على عدة تشكيلات عضوية انسيابية لم تكن متاحة من قبل نظراً لقصور الخصائص الإنشائية للمواد التقليدية ونظم الإنشاء الأولية
 -الخروج عن المألوف في التشكيل المعماري مما أدى إلى الوصول إلى تشكيلات جديدة تجذب المشاهد وتجعله يفكر في طريقة إنشائها

 -الخروج عن الطراز السائد بالمجتمع سعياً وراء التميز والتفرد وقد يكون هذا الخروج منسجماً أو متعارضاً مع ما حوله
– التأثير الكبير لمفردات الغلاف على التشكيل العام للمبنى نتيجة البروزات والدخلات في الواجهات الخارجية والمستخدمة لتوفير الظلال اللازمة على الواجهات

– ظهور اتجاه الحذف والإضافة والتجميع في التشكيل المعماري
– تغليب الملمس الناعم نتيجة لاستخدام مواد البناء الحديثة والتي تعتبر من مبادئ اتجاه التكنولوجيا

 -تغلب الألوان الباردة على القشرة الخارجية للمبنى نتيجة لاستخدام مواد البناء الحديثة
– الحرية الكبيرة في عمل تشكيلات متعددة للمساقط الأفقية لم تكن معهودة من قبل لنوعيات مختلفة من مباني (الفنادق، العمارات، المكاتب، السينمات، المطارات، وصالات العرض)

التطور التكنولوجي وتأثيراته على التوجهات المعمارية المعاصرة

لقد تنوعت لغات ومفردات التشكيل المعماري حيث تنوعت وتعددت تلك اللغات ما بين استخدام الأشكال التفكيكية أو الأشكال الفراغية الهندسية الأساسية أو الأشكال العضوية أو الأشكال الهجينة بأنواعها وغيرها من التوجهات المعمارية كالتوجه نحو الحداثة الجديدة والعمارة التخيلية وغيرها من التوجهات ومن أهم تلك التوجهات الفكرية المعمارية الحديثة والمعاصرة

العمارة التفكيكية

يشير بإيجاز إلى أن التفكير العقلاني يتكامل بالتعارض بين نقيضين، فهي على سبيل المثال تعمل بالتشكيك في جدية المعنى الظاهري والشكل والتمييز الظاهري بينهما فهي تسعى إلى هدم مبادئ وطرق استعمال مواد ونظم وتشكيلات متعارف عليها

العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – ميناء يوكوهاما الدولي ضمن عمارة التفكيك (عمارة القطاعات السينمائية)
العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – المتحف اليهودي ببرلين ضمن عمارة التفكيك (عمارة الأشكال المنكسرة)
العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – معمل ستاتا للكمبيوتر والعلوم الذكية ضمن عمارة التفكيك (عمارة الأشكال التصادمية والمائللة)
عمارة الأشكال الفراغية الهندسية الأساسية

تمت معالجة الأشكال الفراغية الهندسية الأساسية بهدف تحقيق أغراض وأهداف متنوعة تتراوح بدورها ما بين تفعيل كفاءة المبنى الوظيفية أو رفع كفاءة معالجاته المناخية والبيئية، أو حتى لمجرد الأهداف التشكيلية والبصرية ذاتها، وغيرها من أغراض وأهداف

العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – مبنى بلدية لندن كتلة المشروع على هيئة كرة بيسبول
العمارة العضوية

يهدف الاتجاه العضوي في العمارة إلى التكامل في الجمال، وهو يعنى تكامل الأعضاء في تأدية وظائفها وتتكيف طبيعة تشكيل المبنى مع البيئة المحيطة

العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – مبنى شركو سويس ري ضمن (العمارة العضوية النباتية)
العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – برج الجذع الملتوي ضمن (العمارة العضوية الجسدية)
العمارة الهجين
العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – مبنى عاصفة الموسيقى ضمن عمارة الهجين (العمارة التمويجية)
العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – معهد جزيرة ستاين للفنون والعلوم ضمن عمارة الهجين (عمارة الشكل الحلزوني)
العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – متحف إلتقاء النهرين ضمن عمارة الهجين (عمارة الشكل الكريستالي)
عمارة الحداثة الجديدة

إن الوصول إلى عمارة حديثة معاصرة متطورة تحقق قدرًا من المرونة يأتي من خلال اتجاه الاستخدام الأمثل والطموح للتكنولوجيا، وأمكن تحقيق ذلك (بما تحمله هذه العمارة من ملامح مستقبلية عن العلوم والتقدم التقني وما سيتم اكتشافه في عالم الغد)

العمارة الرقمية
العمارة الرقمية – مبنى الموسيقى بباريس

ختامًا

لقد شهد العالم الفترة الأخيرة ثورة علمية تكنولوجية ضخمة أثرت في جميع نواحي العمارة وأدت لتكوين مدارس واتجاهات جديدة وتنوع واضح في تناول التصميم المعماري وتكوين الفراغات والكتل ،هذا التطور جعل أشكال مستحيلة التنفيذ -قديمًا -أصبحت يسيرة وسهلة يمكن رسمها وتطبيقها على برامج الحاسب الألي ومن ثم تطبيقها في الواقع

المصادر

العمارة المعاصرة والتكنولوجيا: رؤية نقدية لتأثيرات التكنولوجيا الرقمية على التوجهات المعمارية السائدة مع مطلع القرن الحادي والعشرين

التطور الرقمي في العمارة البرامج وطرق التطور الرقمي


3 أفكار عن “العمارة الرقمية ثورة علمية في مجال العمارة 2020”

  1. Pingback: الفكرة التصميمية the Concept (كيف تبدأ عملية التصميم 1) - بـ عدسة معمارى

  2. Pingback: تصميم الواجهات الحديثة 2 how to design afacade - بـ عدسة معمارى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart
Scroll to Top