الكاتبة – مهندسة معمارية/عزة رضا أبو السعود & مراجعة ونشر-مهندسة معمارية/ وفاء أبو العطا
مقدمة:
المدارس من أهم المؤسسات التي تأثرت بما أحل بالعالم حديثا في أعقاب فيروس كوروناCovid-1 9 المستجد مما لا يدعو للشك أن لهذه الجائحة أثرها الواضح في تغير أسلوب حياتنا وعلى جميع المستويات و من المؤكد أن تتأثر مبانينا لتلائم هذا التغير ، وهو ما دفع الجميع الى السعي لإيجاد بيئة آمنة لدوران عجلة التنمية والحفاظ على أولويات الحياة ، ومن أهم تلك الأولويات هو التعليم وهذا المقال يناقش التساؤلات الأتية :
– كيف يمكن أن تسير العملية التعليمية في أعقاب فيروس كوروناCovid-1 9 المستجد؟
– ما هي الإجراءات التي يلزم اتخاذها في المدارس لتخفيف أضرارجائحة فيروس كوروناCovid-1 9بل والوقاية من أي أمراض في المستقبل ؟
-وهل للعمارة والتصميم دور في هذه الإجراءات؟ فإليكم الإجابة :
نبدأ مقالنا اليوم بعدسة معماري بمقولة المهندس المعماري الأمريكي براكاش ناير أن “الفيروس التاجي هو دعوة للاستيقاظ والاهتمام بالتعليم”.
وأضاف (لدينا الآن فرصة لإعادة تنظيم المدارس وإعادة تنشيطها بحيث تبدو مختلفة تمامًا عن المكان الذي تعلمنا فيه جميعًا بالصفوف الدراسية، كل منها مع مدرس واحد يكافح بجهد لنقل المعرفة للطلاب)
كما أن العديد من الدول لجأت للتعليم عن بعد والفصول الافتراضية إذآ فهي أول الحلول للتعامل مع الأزمة.
التعلم عن بعد والفصول الافتراضية
والفصول الافتراضية :هي بيئة افتراضية للتعلم ؛ حيث يلتقي المعلم بطلاب المادة لشرح ما صعب فهمه أثناء المحاضرات، ويتمكن الطالب من خلالها من طرح الأسئلة للمعلم مباشرة، ومن ثم يجد الإجابة عليها.
ولكن هذا لا يكفي للتعلم ؛ لأن كثيرا من الأشياء المادية تتطلب الحضور المادي للفهم والاستيعاب الجيد للطلاب ولهذا فإنه يجب علينا التفكير في حلول طويلة وقصيرة المدى حتى يعود الطلاب لمدارسهم في أسرع وقت .
تقليل كثافات الفصول وزيادة المسافة بين الطلاب في المدارس
في الفصول قديما كانت المسافات بين الطلاب صغيرة وإذا استمرت على هذا الحال فسوف تسبب كوارث ولهذا فإن تقليل كثافات الفصول من أهم الأمور التي يجب مراعاتها لإعادة فتح المدارس كحل للتعايش مع أزمة فيروس كوروناCovid-1 9 .
المرونة في تصميم الفصول
يجب أن يتم تصميم الفراغات الداخلية بمزيد من المرونة باستخدام عناصر مرنة مثل الجدران القابلة للطي لتوفير مساحات متعددة الأغراض ، بالإضافة إلى الأثاث المتحرك والفواصل المحمولة.
تغيير ترتيب قطع الأثاث المستخدم في الفصول
استخدام وضعيات مختلفة لترتيب أماكن الجلوس ضمن الفصل ذاته كي تتناسب مع جميع احتياجات التربية والتعليم مع مراعاة مسافات التباعد.
التعقيم والتنظيف
يجب أن يتم وضع حمامات إضافية لجميع الفراغات وتوفير أدوات تعقيم عند الدخول للمدرسة وتوفير الكمامات.
اتباع نهج عدم التلامس
حيث أن التلامس من أكبر مسببات العدوى لذا وجب الاهتمام باستخدام أبواب الكترونية كالتي توجد في المولات والمحلات التجارية.
-واستخدام الحمامات التي لا تعمل باللمس والوصول غير الملامس لجميع الغرف على نطاق أوسع.
-*ويمكن استخدام السبورات الذكية التي تحد من التلامس.
الاتجاه نحو الفصول في الهواء الطلق
تعبر هذه الفكرة من أهم الأفكار التي نتجت عن هذا الانغلاق حيث أنها تشكل مرونة في التصميم وسهولة في التنفيذ كما انها تحقق استغلال لأماكن واسعة في المدارس لتحقيق التباعد الاجتماعي.
التجربة الدنماركية للتعلم في الهواء الطلق
ومن المقترحات التي ظهرت مؤخرا: خيمة 16*8 متر، مقدمة من Original Marquees لاستضافة الفصول الدراسية ومنطقة الغداء ، في مدرسة Manorfield الابتدائية. الاقتراح ، المستوحى من التجربة الدنماركية للتعلم في الهواء الطلق ، حيث يعالج المشكلة الأكثر إلحاحًا التي تواجهها العديد من المدارس والتي تحافظ على التباعد الاجتماعي مع عودة الطلاب إلى الفصول الدراسية”. تهدف إلى زيادة التباعد بنسبة 25٪ على الأقل عما تقدمه المدرسة حاليًا .
الحواجز بين الطلاب
تعتبر هي الحل الأمثل للأماكن التي لا تسمح بتوفير مسافات تباعد كافية وهي تعتبرأمنة بشكل كبير حيث تمنع انتشار العدوى بين الطلاب
ويمكن أيضا استخدام الحواجز في الروضات للتعامل مع الصغار مع مراعاة استخدام الأقنعة للأطفال والمعلمات وتحديد مكان لكل طالب وعدم الاختلاط فيما بينهم.
تنظيم الدخول للمدرسة و مراعاة التباعد في الأفنية الخارجية
حيث إنه من أكثر الأوقات ازدحاماً لتكدس جميع الطلاب في وقت واحد لدخول المدرسة فلهذا يجب تطبيق سياسة التباعد وتقسيم الطلاب لمجموعات كل مجموعة لها موعد محدد للدخول لتخفيف الزحام.
*كما أنه من المهم جدا استخدام أجهزة لقياس درجة حرارة الطلاب قبل دخولهم المدرسة.
*يجب الاهتمام بجميع الفراغات والأماكن حتى الفناء الخارجي حيث التقاء الطلاب بأصدقائهم وتوفير ارشادات لأهمية التباعد وتحديد اماكن وقوف الطلاب ومراعاة المسافة بينهم.
وفيما يلي مثال لتحويل أفنية المدرسة والمناطق المحيطة لفصول في الهواء الطلق
قام استوديو التصميم الداخلي بدبي”Roar” بقيادة Pallavi Dean، مع 10 متخصصين، في التصميم وأساتذة وأطباء نفسيين وباحثين بإعداد تقرير للتوصل لتصورات مختلفة ،حيث قدم التقرير تصورات مستقبلية على تصاميم المدارس والكليات بعد ظهور جائحة كورونا والذي يقدم أفكار بطراز “مساحات العمل التشاركية “، مع التركيز على وظيفة المساحات التعليمية وعدم الاقتصار على المشاريع ذات المظهر التجميلي الخارجي ، وتقديم حلول على المدى القصير والطويل .
على المدى القصير اقترحوا تحويل الصالات الرياضية والقاعات المصممة من أجل الاحتفالات والساحات داخل المدارس لفصول تعليمية تقوم على مبدأ التشارك ، كما اقترحوا إنشاء صفوف معيارية مسبقة الصنع، والتي يمكن بناؤها في غضون أشهر قليلة بتكلفة منخفضة نسبياً.
مفهوم الفصل الدراسي الخاص بشركة Curl la Tourelle Head عبارة عن خيامًا مجمعة في فناء المدرسة أو غيرها من الأماكن الخارجية للمساعدة في العمل الذي لايمكن القيام به عن بعد في التعليم كمختبرات العلوم والمرافق الرياضية ،كل خيمة سوف تقوم بدور صفوف الدراسة التي تحتاج إليها المدرسة مع احتواء بعض الخيم على مغاسل للأيدي ، مع التأكيد على فكرة ربط التعليم المادي بالتعليم الافتراضي في المواد التي يمكن استيعابها عن بعد .
تصميم الفصول من الداخل
في الداخل ، سيتم ترتيب الفصول الدراسية بحيث يمكن فصل التلاميذ عن بعضهم البعض بمترين لحفظ التباعد الاجتماعي الامن ، واليكم بعض طرق فرش الخيام:
اقتراح فريق عمل موقع بعدسة معماري
ونحن فريق عمل موقع بعدسة معماري نرى أنسب الحلول الجمع بين التعليم الافتراضي والتعليم الفعلي بالذهاب للمدرسة ويمكن تحقيق ذلك بتقسيم أيام الأسبوع إلى أيام يذهب فيها الطلاب للمدارس مع اتباع كافة الإجراءات الاحترازية بالتغيير في تصميم الفصول وبالاستعانه ببعض المقترحات التي ذكرناها …وتخصص هذه الأيام لدراسة المواد التي تتطلب حضور فعلى كالعلوم والرياضة و غيرها من المواد العملية ، وتخصص الأيام الأخرى للمواد النظرية ومتابعة الأنشطة ومستويات الطلاب عن طريق التفاعل الافتراضي وخلق فرص جديدة للتعلم الذاتي وتنشيط الذهن وتحفيز الطلاب على حب التعليم الذاتي والبحث العلمي .
ختاما:
لاشك أنه التعليم يعتبر من أهم حقوق الانسان ولهذا فإنه من الضروري تأمين أماكن تلقي العلم في ظل وجود الأوبئة وتقديم كل ما يلزم حتى تعود المدارس لعملها بشكل طبيعي وبأسرع وقت ممكن حيث أنه لا بديل عن المدرسة فإذا تعلمنا التاريخ والنظريات عن بعد فلن نستطيع تعلم الموسيقي والتشريح والرياضة، كما أن المدرسة ليست فقط للتعلم أنما للتربية وغرس القيم والتفاعل المجتمعي وتكوين الصدقات.
ولهذا وجب على المعماريين البحث عن سبل لجعل المدارس أكثر أماناً في هذه المرحلة الصعبة والعمل على ايجاد الحلول التصميمية للوقاية من الأمراض في المستقبل.
المراجع:
1-Hitti, Natashah(17 June 2020 ) “Education spaces will never be the same again” says Roar report: https://www.dezeen.com/
2-Harrouk, Christele(18 June 2020 ) Curl la Tourelle Head Builds First Socially Distanced Tent for a London Primary School: https://www.archdaily.com/
3-Wiley, Melissa (May 1, 2020) Plastic partitions, temperature checks, and socially distanced classrooms: How countries are reopening schools following coronavirus closures: https://www.businessinsider.com/
