العمارة الإغريقية (تعرف على النسب الجمالية والعناصر الزخرفية وأهم 4 عوامل أثرت عليها)

كتابة – مهندسة معمارية / عزة رضا أبو السعود & مراجعة ونشر – مهندسة معمارية / دينا شكري حسين

مقدمة

عند التمعن في تفاصيل العمارة الإغريقية نجد أنها مميزة ومختلفة عما قبلها من الحضارات حيث نلاحظ أن هذه العمارة دقيقة التفاصيل ,منطقية ,فيها تناسب بين النسب والجمال، غنية بالزخارف والحُليات المحفورة أو المنقوشة الملونة بالألوان الزاهية الجميلة في توافق تام.

فكانت الزخارف موضوعة في جميع الأرجاء بطرق منظمة وفي أماكن مخصصة لها حيث تتلاءم مع الأغراض الإنشائية التي وضُعت وصُممت من أجلها هذه الزخارف.

إذا ما هي العوامل التي أثرت على العمارة الإغريقية؟ وما هي مفردات هذه العمارة؟
ما هي المواد البنائية التي استخدموها؟ وكيف كانت العمائر المختلفة في هذه العمارة؟

وفي هذا المقال بعدسة معماري سوف نوضح لكم أجوبة هذه التساؤلات ونتعرف أكثر عن هذه الحضارة المميزة,تابعونا…

العوامل المؤثرة على العمارة الإغريقية

العوامل التاريخية

بدأت أولى المحاولات في بناء المعابد تقريبًا ما بين عامي 490, 479 ق.م وذلك نتيجة لتعرض اليونان لهجمات عدة.

انتشرت تلك الحضارة عن طريق الملك فيليب وابنه الإسكندر حيث أنشأ مدينة الإسكندرية ووحد بين مصر واليونان وامتدت الفتوحات إلى شمال الهند حتى وصلت إلى آسيا الغربية.

العوامل الجغرافية

شبه الجزيرة اليونانية محاطة بالبحر من ثلاث جهات وامتدت الحضارة الإغريقية إلى بلاد أخرى مجاورة وساعدت الجبال الموجودة على تقسيم اليونان إلى مناطق ذات نفوذ مختلفة ومن هنا نشأت المنافسة بين هذه الولايات لإبراز حضارة كل منها.

العوامل المناخية

مناخ معتدل بارد في الشمال ودافئ في الجنوب مما أدى لاهتمامهم بالمباني المكشوفة والساحات العامة وكذلك من أهم خواص العمارة في اليونان وجود البوائك والكلونيد والبورتيكو وذلك نظرًا لشدة أشعة الشمس وهطول الأمطار فجأة.

العوامل الدينية

تعدد الآلهة جعل لدي الإغريق معابد متميزة وذات طابع خاص بها فلقد حاول الإغريق أن يصلوا للكمال المعماري في هذه المباني من خلال النسب الذهبية والمقاس الانساني.

تأثر العمارة الإغريقية بالحضارات الأخرى

لقد تأثرت الحضارة الإغريقية بالحضارة الفرعونية فظهر هذا التأثير في العمود الدوري فعندما زار المعماري الإغريقي مصر وجد أن معظم مساكنها بهذه الاعمدة ووجد أنها تتميز بالبساطة فتأثر بهذا العمود البسيط وقد طبقه مع تغيير بعض التطعيمات المعمارية به.

المواد البنائية المستخدمة في العمارة الإغريقية

من أهم ما تمتاز به هذه البلاد وجود الرخام في أثينا وجزر “باروس وناكسوس”   حيث اهتم الإغريق اهتمامًا بالغًا بجودة الرخام المتوفر في بلادهم ومكونات عناصره للحصول على خطوط مستقيمة ومنتظمة وأسطح ملساء، لدرجة أنهم كانوا يضيفون طبقة من البياض و الرخام على حوائط المباني المبنية من الحجر للحصول على أسطح رخامية جميلة وكانت هذه الظاهرة من أهم مميزات العمارة في اليونان.

وكذلك تواجدت الحجارة فيها بكثرة مما أتاح استخدامها كمادة بناء أساسية في عمارتهم.

مفردات العمارة الإغريقية

الأعمدة الإغريقية
مكونات العامود في العمارة الإغريقية

(القاعدة المدرجة ذات السلالم المرتفعة – بدن العامود نفسه – التكنة)
يتكون العامود من بدن به تجاويف رأسية وتاج ,وتتكون التكنة من الحمال والإفريز والكورنيش.

أنواع الأعمدة الإغريقية

العامود الدوري

يعتبر العامود الدورى هو أشد الأعمدة صلابة من حيث المنظر وأكثر ضخامة من حيث النسب وهو قريب الشبه من العمود المضلع المصرى ,وذو مسقط أفقى دائرى قطرة يقرب من 1.5 متر ,وكانت تُبنى القاعدة فى الأصل فى أرضية المبنى ,أما جسم العامود فهو اسطوانة مضلعة جوانبها مائلة إلى أعلى بحيث يكون قطرها فى أعلاها أصغر منه فى أسفلها, وارتفاع العامود حوالى 6 أمثال قطر العامود .

الإغريقية
مكونات العامود الدوري

العامود الأيوني

هو أقل صلابة وأكثر زخرفة فقد استعمل فى المعابد الصغيرة ,وهذا العامود تأثر كثيرًا بالفن الفارسي والزخارف بالروح الشرقية حيث اتخذ شكلاً لولبيًا يسمى اللفافات ,وتيجان الأعمدة الأيونية لا تتشابه فيها الأربعة أوجه, ويبدو ارتفاع العامود يساوى 8 أو 9 أمثال القطر عند القاعدة.

وهناك فرق بين الأعمدة الأيونية الإغريقية والرومانية حيث العامود الأيوني الإغريقي تظهر فيه اللفافات في الواجهة فقط ومن الجانب شكل اسطوانة والعامود الأيوني الروماني تظهر  اللفافات من الواجهة ومن الجوانب.

الإغريقية
مكونات العامود الأيوني

العامود الكورنثي

هو أكثر نحافة وأغنى زخرفة وقد استعمل أولاً في المعابد الداخلية ثم الواجهات الخارجية للأبنية التذكارية ويشبه العامود الكورنثي العمود الأيوني من حيث التقسيم والنسب فيما عدا التاج والذي يمتاز بطابعه الخاص ويعلو التاج لفافات صغيرة منحوتة على زاوية 45 درجة على أوجه التاج.

مكونات العامود الكورنثي
التعامل مع الأرض غير الممهدة

وهذه كانت خاصية في العمارة الإغريقية حيث كان يتم التعامل مع الأرض كما هي وبدون تهذيب بسبب الاعتقاد في وجود الآلهة التي تمنع تغيير ملامح الأرض عند البناء.

بناء الأسقف

تُبني بالجص والبوص وتُغطي بالقش، فشكل السقف مقبب ومنحدر من الجانبين ومن الأمام والخلف، ويأخذ شكل جمالونيًا شديد الانحدار والتدرج، والأسقف تُبني من القرميد من التراكوتا مع احتفاظ وجهات السقف بالشكل الجمالوني.أما سقوف المعابد كانت تغطى بالقرميد فهي الزخرفة الوحيدة التي عرفها المعبد اليوناني في هذا العصر.

أنواع الأسقف الجمالونية

السقوف الإسبر طية

 عبارة عن لوحات من الترا كوتا وهي مقعرة ومنخفضة، وتربط بين حوافها لوحات اخرى محدبة نصف اسطوانية.

السقوف الكورنثية

عبارة عن لوحات مسطحة ذات حواف مرتفعة وتربط بينها لوحات قرميدية الشكل.

سقوف صقلية

هي أسقف تجمع بين الكورنثية والإسبر طية، فهي عبارة عن لوحات مسطحة ذات حواف مرتفعة (كورنثية) وتربط بينها لوحات محدبة أي نصف اسطوانية (إسبر طية).

أنواع العمائر الإغريقية

أولاً: المعابد

كانت تمثل المعابد أهمية بالغة لدى اليونان وقد انعكس ذلك على الاهتمام بتصميم المعبد حيث قاموا بتصميم الأعمدة على أشكال المعبودات من آلهة وأشخاص. وقد كان لتلك الأعمدة غرض إنشائي بحت وذلك على العكس من الرومان الذين بدأوا في استخدام بعض الأعمدة للأغراض الجمالية فقط.

معبد البارثينون (طراز دوري)

بُني معبد البارثينون على هضبة الأكروبول من الرخام الأبيض الناصع على الضفة الجنوبية من الهضبة وقد استخدم هذا المعبد لأربع ديانات (أثينا وكنيسة ثم كاتدرائية كاثوليكية ثم مسجدًا تحت الحكم العثماني), ولكنه دمر أثناء الحكم العثماني ثم أعيد بناؤه في عهد بركليس.

معبد البارثينون (طراز دوري)
معبد هيرا (أولمبيا) (طراز دوري)

أنشئ هذا المعبد للإله (هيرا) إلهه الزواج والحب ويعتبر من أقدم المعابد الإغريقية وكانت أعمدته من الخشب ثم استبدلت بعد ذلك بالحجر وعلى ذلك اختلفت أشكال تيجان هذه الأعمدة حسب التطورات التي مرت بها هذا المعبد.

معبد هيرا (طراز دوري)
معبد أبوللو (طراز دوري)

هذا المعبد من النوع ذي الرواق المحيط، سداسي الأعمدة وبه 15 عمودًا على الجانبين مكونة من اسطوانات من الحجر الجيري الرمادي، ويمتاز هذا المعبد عن باقي المعابد الأخرى بوجود الثلاث طرز المعمارية الإغريقية به، فهناك النظام الدوري للواجهات والأيوني بالداخل على هيئة أعمدة متصلة واستعمال عمود كورنثي واحد داخل المعبد.

معبد أبوللو
معبد الأركيزيون (الأكروبول أثينا) (طراز أيوني)

يقع على هضبة الأكروبول شمال البارثينون، حُول إلى كنيسة أيام حكم جستنيان، وبعد ذلك خُصص جناحًا للسيدات أيام عهد الأتراك، وهدم جزء كبير منه أيام الثورة الإغريقية ويعتبر هذا المعبد من أشهر المعابد لعبادة عدة آلهة ولذلك فقد تكون من عدة أجزاء مختلفة الشكل، وموقعه ليس مستويًا ولذلك لم يكن المعبد بالبساطة المعروفة في المعابد الإغريقية.

وأهم معالم هذا المعبد هو البهو الجنوبي، فإن التكنة محملة على 6 من التماثيل بأشكال نسائية بدلا من الأعمدة تسمى هذه التماثيل بالمحملات أو الكرياتيد.

معبد الأركيزيون (الأكروبول أثينا)
معبد أرتميس: أفيس بآسيا الصغرى (طراز أيوني)

هذا المعبد من أكبر المعابد، أنشأ عام 358 ق. م ثم حرق وبعد ذلك أنشئ مرة أخرى وتم ترميمه. وأهم ما يمتاز به هذا المعبد ضخامته ثم ظهور تماثيل لأشخاص بكامل حجمها الطبيعي محفورة على بدن الأعمدة أعلى القاعدة مباشرة.

معبد أرتميس
ثانياً: الأجورا

في البداية كان مركز النشاط في القرية الإغريقية وهو ساحة السوق وهو المكان الفسيح الملائم الذي كان يسمح لجميع أهل القرية بالاجتماع فيه وقد انفصلت الأجورا عن المعبد مبكرًا ولم تكن في أول عهدها في شكل منتظم بل كانت في أغلب الأحوال مساحة واسعة مفتوحة مملوكة للدولة وفى المدينة أصبح السوق مركز النشاط الرئيسي أيضًا وقد كان منفصلًا عن حرم المعبد المقدس بما يعنى فصل المكان المخصص للنشاط الدنيوي عن المكان المخصص للنشاط الديني.

وبمرور الزمن تطورت الأجورا وأصبحت مكانًا للسوق ومركزًا للأعمال والحياة السياسية وأقيم بجوارها ثلاث مباني هامة: مبنى صالة الاجتماعات – مبنى صالة المجلس – مبنى صالة الغرفة. ووضعت الأجورا في وسط المخطط العام للمدينة.

المسقط الأفقي للأجورا هندسي في شكله فهناك مساحات مستطيلة وأخرى مربعة مفتوحة الشكل يحاط بها بواكي تظلل المباني التي تحيط بالمساحة المفتوحة حيث خططت على أساس تجنب التعارض بين حركة الناس الذين يعبرون المكان المفتوح وبين الناس الذين تجمعوا لممارسة التجارة او تأدية الأعمال الأخرى في السوق وغالبا ما كانت تنتهي الشوارع عند الأجورا ولا تعبرها.

الأجورا
ثالثاً: المسارح

كانت المسارح الإغريقية تقام في الهواء الطلق وتبنى في منحنى أو فجوة في جانب التل، وكانت صفوف المقاعد صفين أو ثلاثة ويفصل بين هذه الأقسام ممر متسع، وكان لبعض المقاعد مساند خلفية.

وكان شكل المسقط الأفقي على شكل حدوة الحصان أي أكبر من نصف الدائرة.

وعلى هذا النمط كان مسرح (أبيدور)، وقد بني عام ٣٥٠ ق.م وتنقسم المدرجات حلقيًا إلى قطاعين سفل وعلوي يفصل بينهما ممر حلقي؛ القسم السفلي عبارة عن ١٢ قطاعًا مقسم بواسطة ١٣ درجًا، والعلوي ٢٢ قطاعًا مقسم بواسطة ٢٣ درجًا.

وكان المسرح يتسع لحوالي ١٤ ألف متفرج. أما منصة المسرح فهي دائرية بقطر ٢٠ مترًا، وهي محاطة بقناة صغيرة لتصريف مياه الأمطار، وإلى جانبي المنصة توجد تلال تؤدي إلى الكواليس التي يزيد ارتفاعها عن أربعة أمتار وعمقها ثلاثة أمتار.

مسرح (أبيدور)
رابعاً: أكروبوليس أثينا

هو معبد يوناني قديم يقع في العاصمة اليونانية أثينا على قمة تل، يعد من أشهر المعابد اليونانية القديمة وكلمة أكروبوليس كلمة يونانية قديمة تعني المدينة العالية، وقد اعتاد اليونانيون القدماء بناء أكروبوليس لكل مدينة ذات أهمية، وكان الأكروبوليس في أثينا له الشأن الأعظم من بين جميع المعابد في المدن اليونانية القديمة، وفي حالة الغزو الخارجي كان اليونانيون يتخذون الأكروبوليس قاعدة حصينة يقاومون القوات الغازية حتى النهاية.

ختامًا:

تاريخ العمارة زاخر بالعديد من الحضارات والطرز التي أضفت طابعها الخاص وكونت طراز مبدع ظل أثره ممتدًا حتى عصرنا الحالي وواجبنا نحن المعماريون ان نهتم بدراسة هذه الحضارات وان نستلهم منها في تصاميمنا المعاصرة لدمج الماضي بالحاضر.

المراجع:

العمارة و الفن الاغريقي
عمارة يونانية
العمارة الإغريقية
العمارة اليونانية القديمة

Shopping Cart
Scroll to Top