كتابة – مهندسة معمارية / عزة رضا أبو السعود &مراجعة ونشر – مهندسة معمارية/ شيماء مجدى.
مقدمة:
مسجد كامبريدج المركزي هو ما سنلقي الضوء عليه اليوم بعدسة معماري ، انطلاقًا من الهدف الذي خلق من أجله الإنسان وهو عبادة الله وعمارة الأرض فكان واجبًا علينا الاهتمام بالبيئة التي من الله بها علينا من خلال تحسين جودة الحياة والهواء والفراغات وخاصة المساجد التي هي بيوت الله في الأرض.
من هنا كانت فكرة بناء المساجد المستدامة لأن ديننا الحنيف يحث على الحفاظ على النعم المحيطة بنا والعمل على تكوين فراغات لا تضر المحيط الخارجي عن طريق استخدام مبادئ الاستدامة في تصاميم المباني.
والآن دعونا نتعرف بعدسة معمارى على هذا المسجد المميز الذي يعتبر علامة مميزة وسط المساجد وخطوة نحو الاهتمام بتطبيق الاستدامة على المساجد خصوصًا وجميع المباني عمومًاوسنجيب على هذه التساؤلات:
– ماهي الفكرة التصميمية للمسجد؟ وما هي مواصفاته؟
– وكيف طبق هذا المبنى الاستدامة؟
– وكيف يحقق التصميم الداخلي لمسجد كامبريدج وملحقاته الإحساس بالهدوء والخشوع؟
أولًا دعودنا نذكر مقولة جوليا بارفيلد (كبيرة المهندسين المعماريين): يمكن أن يكون هذا المسجد جسراً ثقافياً، وينقل الرسالة البيئية إلى واحدة من أكبر المجتمعات الدينية في العالم.
لأن من أهم مبادئ هذا التصميم هو جمع أطياف المجتمع مسلمين وغير مسلمين ونشر السلام والتسامح وحرية الاعتقاد ونشر ثقافة البناء المستدام الذي يجب ان يكون هو سمة عصرنا الحالي الذي يعاني من الكثير من المشاكل البيئية
أولا: مواصفات وموقع مسجد كامبريدج
الموقع: مدينة كامبريدج، إنجلترا.
تاريخ الافتتاح: 24 أبريل 2019.
المهندس المعماري: ماركس بارفيلد .
فاز المهندسى ماركس بارفيد بمسابقة تصميم المسجد عام 2009.
مصممة الحدائق: إيما كلارك.
عدد الأدوار: ثلاثة طوابق.
السعة: يستوعب 1000 مصلي.
المساحة: فدان.
التكلفة: 23 مليون جنيه إسترليني.
مكونات المشروع: (مكان الصلاة، الوضوء، منطقة للأطفال، حديقة إسلامية، جراج تحت الأرض يتسع لـ 80 سيارة، مقهى ومنطقة تعليمية وقاعات اجتماعات، سكن الإمام).
– قام الدكتور تيموثي وينتر الذي اعتنق الإسلام قبل أكثر من 40 عامًا وأخذ اسم عبد الحكيم مراد وهو محاضر في الدراسات الإسلامية بجامعة كامبريدج بجمع الأموال للمشروع في عام 2009.
المسقط الأفقى لمسجد كامبيردج
ثانيا:الفكرة التصميمية لمسجد كامبريدج
سعى المصمم إلى تطوير تصميم المساجد المعاصرة والمحلية مع الاعتماد على تقاليد العمارة الإسلامية والبريطانية المقدسة.
– فاعتمدت الفكرة التصميمة على اعتبار المسجد كواحة هادئة داخل بستان من الأشجار.
– فعند دخولك لساحة المسجد تجد الحدائق والمقهى التي تجعله مكانًا ترحيبيًا لجميع أفراد المجتمع حيث يدخل المصلون والزائرون عبر حديقة إسلامية قبل المرور عبر رواق مغطى ثم ردهة، لتهيئهم تدريجياً للتأمل في قاعة الصلاة.
– التصميم النهائي عبارة عن تداخل العمارة الإسلامية التقليدية، والهندسة والبستنة مع العناصر المعمارية الإنجليزية الأصلية والنباتات لإنشاء توليفة فريدة من نوعها.
– فالسمة المميزة لمسجد كامبريدج هي هيكلها الخشبي من الأعمدة أو الأشجار حيث أن الهيكل الخشبي المستدام يتكون من 30 عمود من أشجار التنوب.
– فعند رؤيتك للنظام الإنشائي تعزز الإحساس بالبنية والاستقرار كما أنها تهيئ المشهد للتأمل بدون إلهاء المصلي.
ثالثا:تحقيق الاستدامة في مسجد كامبريدج
– استخدام هيكل إنشائي خشبي باعتبار الخشب أحد مواد البناء المستدام المتوفرة كما أنه يمكن إعادة استخدامها بعد العمر الافتراضي للمسجد.
حيث تم استخدام الهيكل الخشبي بشكل مستوحى من أقواس العمارة القوطية الإنجليزية.
الصورة توضح النظام الإنشائي المعتمد على الهيكل الخشبي واستخدام عناصر الطراز القوطي
Image source:wikimedia
– إضاءة المبنى بشكل عام تعتمد على الإضاءة الطبيعية طوال العام من خلال الفتحات الموجودة في الأسقف مع استخدام عناصر الإضاءة الموفرة للطاقة.
– الشكل الهندسي للسقف مستوحى من النجمة الإسلامية المثمنة في مزج رائع بين العمارة الإسلامية والعمارة القوطية الإنجليزية.
– يتم استخدام الخلايا الضوئية الموجودة على سطح المسجد في توليد الكهرباء ويتم تدفئة وتبريد المسجد عن طريق الطاقة المولدة من الخلايا الضوئية.
– لا يتم استخدام مكبرات الصوت للنداء للصلاة ولكن في المقابل يتم الترحيب بالزائر عن طريق التصميم المميز الذي يبدأ من حافة الطريق ليصل بك إلي الحديقة النابضة بالحياة.
– يتم تجميع المياه الرمادية ومياه الأمطار وإعادة استخدامها في تنظيف المراحيض وري الحديقة.
– الاهتمام بوسائل المواصلات الصديقة للبيئة كالدرجات من خلال عمل جرار كبير للدرجات عند مدخل المسجد حيث يمكن الوصول إليها بسهولة من قبل المشاة في حين أن موقف السيارات تحت الأرض حيث يوفر المساحة في الموقع للمسجد والحدائق.
– المسجد معزز بقنوات تهوية طبيعية مخبأة في التصاميم الداخلية.
– استخدام الطوب المحلي (غولت الأصفر أو الأبيض).
– واجهة المسجد تم نسج عبارات قرآنية عليها بمهارة باستخدام الطوب المحلي في كامبريدج.
– الاهتمام بزارعة الواجهات والأسقف باعتبارها عنصر جمالي ومعالجة حرارية.
– يتم توليد الطاقة أيضًا من خلال مضخات حرارية عالية الكفاءة في الطابق السفلي حيث تستخرج هذه المضخات الطاقة الحرارية من المياه الجوفية ويتم استخدام هذه الطاقة لتبريد أو تدفئة المسجد ومحتوياته.
وإليكم بعض صور المسجد:
ونود أن نذكركم بمقولة ماركس بارفيلد (المهندس المعماري): لم نرغب في إنشاء نسخة طبق الأصل أو نقش لشيء كان موجودًا في مكان آخر. فرصة القيام بشيء إنجليزي، بريطاني، أثارت حماسنا. الآن وقد أصبح هناك جالية مسلمة كبيرة في المملكة المتحدة، فقد حان الوقت لمعرفة معنى وجود مسجد باللغة الإنجليزية.
ولهذا نجد هذا المسجد علامة مميزة وعنصر فريد بالنسبة للمساجد الموجودة في معظم الدول حيث يجمع بين العراقة في التصميم والانتماء للموقع ويوفر الطاقة اللازمة له ويعتبر بلا انبعاثات كربون>
ختامًا:
يجب على المصممين حول العالم العمل تحديث أفكارهم حول تصميم المساجد والخروج من قالب المساجد المعروف فنحن بحاجة إلى التجديد في المساجد كما جددنا في المباني من حولنا والعمل على دمج المسلمين في مجتمعاتهم الغير مسلمة من خلال مثل هذه التصميمات التي تجذب الزوار وتنمي الحوار المجتمعي.
ومن ناحية أخرى تطبيق الاستدامة في المباني عمومًا وفي المساجد خصوصًا يعتبر من أهم مفاهيم الدين الإسلامي الذي يحث على شكر النعم من خلال الحفاظ عليها وتنميتها.
وإذا كنتم مهتمين بالبناء المستدام تابعوا مقالات المباني المستدامة على موقع بعدسة معماري.