أهم العمائر الفرعونية وأنواعها (جزء 2)

كتابة – مهندسة معمارية / عزة رضا أبو السعود & مراجعة ونشر – مهندسة معمارية / دينا شكري حسين

مقدمة

لقد تناولنا في الجزء الأول من العمارة الفرعونية العوامل التي أثرت عليها , كما تعرفنا على مميزات العمارة الفرعونية ومواد البناء المستخدمة آنذاك , كما تحدثنا عن أنواع وطرز الأعمدة والمسلات ,وفي هذا الجزء سوف نتعرف على أهم العمائر الفرعونية بكل أنواعها من معابد ومقابر ومساكن وغيرها .

أنواع العمائر الفرعونية

أولاً: المعابد
العناصر الأساسية للمعابد

1- طريق الكباش: طريق بين صفين من تماثيل أبو الهول تتقدم المعبد أو يصل بين معبدين.

2-المسلات: نُصب حجري من كتلة واحدة من الجرانيت الوردي كبير الارتفاع تميل جوانبها إلى الداخل وتنتهي في قمتها بهرم صغير.

3-البحيرة المقدسة: تكون في خارج المعبد كما في معبد الكرنك أو داخل الفناء المكشوف في شكل حوض كبير.

4- صرح المدخل: عبارة عن بناء ضخم ذو برجي عظيمين والقاعدة المستطيلة.

5-الفناء الداخلي: يلي صرح المدخل وهو أوسع عنصر في المعبد وكان يسمى ساحة الأعياد.

6-بهو الأعمدة: هو عبارة عن قاعة كبيرة بعرض المعبد يحمل سقفها مجموعة كبيرة من الأعمدة وكان هو المكان الذي يستريح فيه الإله ويظهر فيه عدد قليل من الكهنة كبار رجال الدولة.

7- قُدس الأقداس: وهو أقدس مكان بالمعبد ,وهو عبارة عن قاعة مستطيلة كان يُحفظ فيها تمثال الإله أو رمزه.

8- غرف الكهنة والمخازن: كانت تُبنى خارج المعبد أو بين جدران المعبد الخارجي والسور الخارجي.

أنواع المعابد الفرعونية

المعابد الدينية

– هي معابد الآلهة التي كانت تُبنى على الجانب الشرقي.

الغرض منها : عبادة الآلهة والتعليم (مدرسة المعبد وبيت الحياة) وكان يشترك عدد كبير من الناس في بناء معابد الآلهة , وكان يُكتب على جُدرانها تواريخ الملك منذ توّليه العرش حتى مماته وإنجازاته، وتقديم القرابين للآلهة.

– وتختلف معابد القدماء المصريين عن المعابد التي أُقيمت بعد التاريخ , حيث أن هذه المعابد لا يدخلها إلا الملوك ورجال الدين، ولا يُسمح لطائفة الشعب بالدخول إليها إلا في الفناء الخارجي البعيد.

مثال: معبد آمون رع بالكرنك

– كان يتقدمه طريق تحف به تماثيل الكباش يؤدى إلى صرح عليه أربع ساريات ويتوسطه مدخل من حجر الجرانيت يؤدي إلى الفناء المكشوف الذي يحيط به من ثلاث جهات مطلة على صفين من الأعمدة ,ثم بهو الأعمدة ويقوم سقفه على ثمانية أعمدة في صفين ,وتعلو الأعمدة الأربعة الوسطى عن الأعمدة الجانبية ,ثم من الخلف يوجد مقصورة تتوسط قاعة كبيرة مستطيلة يحيط بها حجرات صغيرة.

– استخدام أعمدة زهرة اللوتس (كما تحدثنا في الجزء الأول).

– تماثل المسقط الأفقي للمعبد ومعالجة الفراغات للتدرج من الصراحة والوضوح (صرح المدخل) إلى السرية والغموض (قدس الأقداس).

معبد آمون رع بالكرنك

المعابد الجنائزية

– كانت تُبنى بغرض آخر غير العبادة، وكان هذا النوع من المعابد خاص بالكهنة وأهل فرعون.

– يُكتب عليها تاريخ أسرة الفرعون وأصله ونشأته، وكان بمثابة مقبرة لصاحبه أو متصلاً بمقبرته، فنجد أن الأهرامات كان لها معبدها الجنائزي.

– كان يُبنى على الضفة الغربية للنيل.

– تُبنى إما فوق سطح الأرض أو منحوتة في جوف الصخر.

– يتصل بمعبد آخر بواسطة طريق مكشوف أو مسقوف أُطلق عليه (الوادي) ويعتبر بمثابة مدخل للمعبد.

مثال : معبد حتشبسوت “الدير البحري”

– معبد “الدير البحري” هو معبد شهير جداً في العالم أجمع. ولقد اشتهر بهذا الإسم لأن المسيحيين استخدموه ديراً في القرن السابع بعد الميلاد.

– قام بتصميم وتنفيذ بناء المعبد المهندس “سننموت” مستشار الملكة وأحد المقربين إليها.

– المعبد له ثلاث أفنية على هيئة شرفات متتالية يرتفع بعضها عن بعض.

– تسد نوافذ الشرفات ببوائك تنسجم انسجاماً تاماً مع عظمة ما يعلوها من الصخور.

– كان يؤدى إلى هذا المعبد طريق من الكباش تظلل مدخله والأفنية أشجار حيث بقيت أجزاء من جذوعها في أماكنها إلى اليوم.

– يقوم في وسطه طريق صاعد بين شرفاته الثلاث، ويقع تجاه كل شرفة اثنان وعشرون عموداً ,وهناك خلف شرفته الثانية فناء يؤدى إلى مقصورة “أنوبيس” إله الموتى في الجهة اليمنى، وأخرى “لحتحور” سيدة الجبانة في الجهة اليسرى.

– ثم ينتهي المعبد بالمحراب، أو قُدس الأقداس المنحوت في قلب الصخر.

– أهم البوائك الموجودة في هذا المعبد هي تلك التي تقع في الشرفة الوسطى.

معبد حتشبسوت “الدير البحري”

المعابد الصخرية

هو نوع جديد من المعابد ظهر في الدولة الحديثة ,حُفر في الصخر، وهو يشبه تلك المعابد المُشيدة (الجنائزية – الدينية) من حيث عناصرها المختلفة وإن كان أصغر مساحة منها.

مثال : معبد أبو سمبل

– استغرق بناء هذا المعبد العظيم ما يقرب من عشرين عامًا. وكان مخصص للإله (أمون – راع – بتاح) وكذلك لرمسيس، ويعتبر عمومًا أروع وأجمل المعابد التي كانت في عهد رمسيس الثاني و واحد من الأجمل في مصر.

– نُحتت واجهة المعبد في الصخر على شكل صرح يعلوه الكورنيش المصري، وقد بلغت عرض الواجهة 35 متر.

– يتوسط الواجهة مدخل متوج بنقش ضئيل البروز تمثل صورتين للمك وهو يعبد الإله راع وغيرها من النقوش.

– واجهة المعبد عبارة عن أربعة تماثيل ضخمة للملك رمسيس الثاني جالسًا على العرش ومرتديًا التاج المزدوج للوجهين البحري والقبلي لمصر، وصل طول كل تمثال إلى 20 متر تقريبا، لكن التمثال الذي يقع إلي يسار المدخل تضرر في زلزال ولم يتبق منه إلا الجزء السفلي.

– بين ساقي التماثيل الضخمة هناك تماثيل أخري لا تزيد في الارتفاع عن ركبتي كل تمثال وهي تماثيل لنفرتاري (الزوجة الرئيسية لرمسيس) والملكة الأم، وابنيه، وبناته الستة .

– يمتد المعبد47 متر من مدخله وحتى قُدس الأقداس.

– الجزء الداخلي من المعبد له نفس التصميم الثلاثي الذي يتبعه معظم المعابد المصرية القديمة، مع انخفاض في حجم الغرف من مدخله وحتى قُدس الأقداس.

– يؤدي مدخل المعبد إلى قاعة عظيمة عرضها 16 متر وطولها 17.5 متر وارتفاعها 8 أمتار (وهو يقوم مقام الفناء في المعابد الجنائزية والدينية) ويدعمها ثمانية أعمدة ضخمة تتوسط المعبد على هيئة صفان.

– من بهو الأعمدة نصل إلى ردهة مستعرضة تطل عليها قاعتان يوجد بينهما قُدس الأقداس حيث توجد قطع لمنحوتات صخرية لأربعة تماثيل جالسة وهم آلهة المعبد: أمون، وبتاح، ورمسيس الثاني، ورع.

– محور المعبد وُضع في مكان من قبل المهندس المصري القديم بطريقة أنه مرتين في السنة يوم 21 أكتوبر و21 فبراير، تخترق اشعة الشمس المعبد ويلقي الضوء على التماثيل.

معبد أبو سمبل
ثانياً : المقابر الفرعونية

– تم تشييد المقابر على الضفة الغربية للنيل حيث اعتقد المصري القديم أنها أرض الموتى حيث تقع بالغرب .

– بدأت المقبرة على شكل حفرة مستديرة غير عميقة، ثم صار مستطيلاً، ويسقف بفروع الشجر ويقسم قسمين أحدهما للأثاث الجنائزي.

– مع مطلع عصر الأسرات تطور القبر الملكي وصار الفرق شاسعاً بين قبور الأفراد والقبور الملكية. إذ تألفت مقابر ملوك الأسرتين الأولى والثانية في سقارة الشمالية من حجرة دفن تحت سطح الأرض تحيط بها حجرات أخرى ومخازن الأثاث الجنائزي، وكان يعلوها فوق سطح الارض بناء مستطيل كبير الحجم شبيه بالمصاطب التي يبنيها القرويون في مصر أمام بيوتهم.

مراحل تطور المقابر الفرعونية
المقبرة الملكية

يأتي تطور المقبرة الملكية تعبيرًا عن فكر ديني وعن بعد علمي قصد من ورائه الحفاظ على الجسد الذي تضمه المقبرة.

مثال : الأهرامات

هرم سقارة المدرج

– يتكون هرم سقارة من ست درجات وكان ارتفاعه الأصلي حوالي ستين متراً.

– بُني هرم سقارة المدرج في شكل طبقات كل واحدة أصغر من التي أسفلها، فبنى أمحتب حجرة الدفن وملحقاتها تحت سطح الأرض وكان يُتوصل إليها بصعوبة عبر نفق هابط طويل وعلى مستوى سطح الأرض بنى مصطبة مربعة فوقها خمس مصاطب إضافية تقل مساحة الواحدة عن سابقتها كلما ارتفع المبنى، حتى صار المبنى على شكل هرم مؤلف من ست درجات كبيرة، وكان المجموع مصنوعاً من الأحجار الكلسية الجيدة، ثم أحيط كله بسور مزين بمشكاوات.

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة; اسم الملف هو Picture5-3.png
هرم سقارة المدرج

هرم خوفو

– استغرق بناء الهرم الأكبر ما يقرب من عشرين عامًا وبناء الممرات والأجزاء السفلية من الهرم عشر أعوام.

– تغير التصميم الداخلي للهرم أكثر من مره فبدأوا بوضع حجره الدفن أسفل الأرض مثل هرم سقاره المدرج ثم انتقلت إلى حجره ثانية يطلق عليها حاليًا اسم غرفة الملكة و أخيرًا نقلت إلى الحجرة الحالية و أقام المهندس فوقها خمس حجرات صغيره تنتهى العليا منهم بسقف مثلث الشكل و ذلك لتخفيف ثقل حجاره الهرم على حجره الدفن.

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة; اسم الملف هو Picture6-4.png
هرم خوفو
ثالثاً : المساكن الفرعونية

– كان سكن الملوك عبارة عن قصور كبيرة المساحة في وسط حدائق جيدة التنسيق، بها النخيل والأعشاب. ومن جهة اخرى توجد غرف الغلال ومساكن الحاشية والخدم، ويحيط بها سور منيع.

– كانت القصور تقع في الغالب بجوار المعابد أو بالقرب منها، وبالقرب من النيل أو الترع، لسهولة الحصول على المياه اللازمة للشرب والري, وكانت حجرات الحصون وابهاؤها فسيحة يصل إليها النور والهواء من مناور قريبة.

– أما مساكن الأفراد العاديون فكانت أقل وجاهة واتساع، ويمكن فهم النظام والمنافع التي تحتويها.

المساكن الخاصة

لقد عُثر على بقايا سرايا إخناتون بتل العمارنة، إلا أنه يوجد بالمعابد والمقابر رسومات تخطيطية لها.

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة; اسم الملف هو ثث.png
القصور

ظل المصريون يبنون بيوتهم وقصورهم بالطوب اللبن بينما أخذوا يشيدوا المعابد والمقابر من الحجر أو يحفرونها في الصخر وذلك لأنهم حسبوا مساكن الحياة الدنيا مؤقتة زائلة بينما كان ينبغي أن تُخلد بيوت الآلهة والموتى على مر الزمان.

وقد اندثرت أغلب بيوت المصريين إذ أن كل بيت كان يُهدم يُستخلص منه الطوب اللبن السليم ثم تسوى الانقاض ليبني عليها من جديد.

رابعاً : المدن والحصون الفرعونية

أقدم الامثلة على المدن هي مرمرة بنى سلامة وتقع شمال غرب القاهرة بنحو خمسين كيلومتر وكانت مساحتها تبلغ 60 فدان.

كانت كل مدينة تقام بطرق مختلفة لتخدم هدف معين , فهناك المدن ذات شوارع مستقيمة متعامدة تتعامد على بعضها البعض , وهناك مدن ذات شوارع ضيقة ومتعرجة ,وهناك المدن الدينية والاجتماعية والسياسية.

مدن العمال : (مدينة العمال بتل العمارنة)

– كانت قريبة من مكان بناء المقابر المخصصة للطبقة الفقيرة كما كانت محاطة بسور و لها حائط أوسط يفصلها إلى جزئين.

– كما كانت جميع البيوت متشابهة ماعدا بيت واحد كان أكبر من هذه البيوت وأمامه ميدان.

– كان يقصد به مكان للاجتماع بعيدا عن المساكن حتى لا يجرحها بعكس التصميم الاغريقي الذي وضع الميدان في وسط المدينة.

المدن الفرعونية
المدن الدفاعية والحصون

هذه الحصون كانت تشيد في مواقع ذات أهمية عسكرية ولذا كان لابد أن تتخذ شكلاً يتماشى مع هيئة الارض التي بنيت عليها , وأشهر هذه الحصون والقلاع تلك التي بنيت من خلال ملوك الدولة الوسطي في بلاد النوبة وبعض القلاع التي بناها ملوك الدولة الحديثة .

في الواقع أن تلك القلاع أشبه بالمدن الحصينة إذ كانت تحتوي على معابد ومباني تقوم فيها مصالح ودواوين ,وقد قامت قلاع النوبة بدور مزدوج، إذ أنها كانت تستخدم في أغراض الدفاع من جهة أخرى. 

حصن هيراكونبوليس

يُظن حصن هيراكونبوليس (الكوم الاحمر) من الأسرة الثانية وأنه شُيد على حافة الصحراء للدفاع عن المدينة وهو يتألف من سورين ويتميز السور الداخلي بأنه يتخلل سطحه الخارجي دعامات ويكتنف مدخله برجان متقاربان للمراقبة.

حصن سمنة الغرب

في عصر الاسرة الثانية عشر كان حصن سمنة الغرب أول الأمر مستطيلًا ثم زيد فيه من أحد جانبيه ويحيط به خندق عرضه 26 مترًا في المتوسط وتبرز من سطوح جدرانه الخارجية في الجنوب والغرب والشمال دعامات او أبراج على مسافات, ويختلف سمك الجدران من ستة إلى ثمانية أمتار ويظن أن مدخله كان في الشمال.

ختامًا

من منا لا يفخر بكونه مصريًا يحمل تاريخ أجداده الفراعنة الذين أبهروا العالم في جميع العلوم والفنون حيث صنعوا لأنفسهم مجدًا وعظمة لا يضاهيهم فيها أحد وعلينا كمصريين أن نعمل على الحفاظ على إرثنا المعماري الفرعوني العظيم وأن نستلهم منه ما يفيدنا في عصرنا الحالي.

المصادر

خطوات تطور المعابد وأنواعها في مصر الفرعونية القديمة

خصائص فن العمارة الفرعونية

العمــــاره المصريـــه القديمـــه

العمارة المصرية القديمة

Shopping Cart
Scroll to Top