كتابة – مهندسة معمارية / عزة رضا أبو السعود & مراجعة ونشر – مهندسة معمارية / دينا شكري حسين
مقدمة
من المؤكد أن الحضارة المصرية القديمة هي واحدة من أكثر الحضارات المؤثرة على مر التاريخ ,فالحضارة المصرية تُعد من أقدم وأعرق الحضارات التي كانت ومازالت لها بصمة وأثر في كل المجالات من طب وهندسة وفلك وعمارة وغيرها ,وسوف نتحدث اليوم بعدسة معماري في هذا المقال عن العمارة الفرعونية وأهم ما يميزها , وسوف نجيب على التساؤلات التالية :
ما هي العوامل التي أثرت على العمارة الفرعونية ؟ وما هي مميزات العمارة الفرعونية؟
كيف كانت مواد البناء المستخدمة ؟ وفيما استخدموها ؟ وماذا كانت أنواع الأعمدة وطرز المسلات؟
أولاً : العوامل التي أثرت على العمارة الفرعونية
العوامل الاجتماعية
الحضارة المصرية من أقدم الحضارات في العالم منذ 4000 سنه ق.م , وقد نشأت الحضارة المصرية القديمة على أكتاف العُمال والرقيق في أوقات الفيضان الذي يجعل الزراعة متعذرة.
العوامل الجغرافية
النيل هو أساس الحياة, فقد ربطوه بالحياة والموت فأقاموا المعابد الجنائزية والمقابر على ضفته الغربية والمساكن والمعابد الدينية على ضفته الشرقية.
العوامل المناخية
مصر تتميز بجوها الصافي وشمسها الساطعة وانعدام الثلج , ولقلة الأمطار في مصر لم يهتموا بميل الأسقف وأقاموا بها عدة فتحات لدخول ضوء الشمس.
العوامل الدينية
تعددت الآلهة التي عبدها المصريون القدماء، واعتقد المصريون القدماء أن الإنسان سيبعث ثانية بعد موته ليحيا حياة الخلود. لذلك اهتم المصريون بحفظ جثث الموتى عن طريق تحنيطها، ووضعها في قبور حصينة مما دفعهم إلى بناء الأهرامات الضخمة , كما كان الملك بالنسبة للمصري هو الإله وكلمته كالقانون لأنه هو الوسيط بين الإله وبين عامة الشعب.
ثانياً : مواد البناء المستخدمة
– يوجد بمصر الذهب والنحاس والحديد والفضة وغيرها من أنواع المعادن، كما تتنوع بها الصخور من جرانيت ورخام وأحجار كريمة، فقد اُستعمل الجريد والبوص أولًا في عمل الحوائط والأعمدة والأسقف ,ولكن بعد ظهور الحجر اُستخدم في بناء الأسقف الأفقية بدون ميول.
– استعمل المصري القديم في عملية البناء الأحجار، كما استخدم الزخرفة الشهيرة، وأيضًا أعمال التكسية في عدد من المباني مثل المصاطب، والمقابر، والمعابد، والأهرامات.
– هذا بالإضافة إلى تصنيع الطوب في مصر القديمة ؛ حيث قاموا بعمل قوالب الطوب باستخدام طمي النيل المخلوط بقش البوص أو التبن، ومن ثم تركها لتتخمر، وتتشكل داخل القالب، ثم يتم رصها في الشمس حتى تجف.
ثالثاً : مميزات العمارة الفرعونية
– الطريقة التي اُتبعت في إنشاء الحوائط ,حيث كانت ذات سمك كبير وبها ميل الى الداخل من أعلى, فيصبح السطح الخارجي مائلًا مع بقاء السطح الداخلي عموديًا لزيادة قوة الحائط لمقاومة الزلازل.
– تمتاز الأعمدة المصرية بالبساطة كما أنها اُشتقت من أصل النباتات.
– الضخامة الهائلة, حيث كان يُراد من بناء المعابد إظهار القوة والعظمة والجبروت.
– كان المصريون أول من أقاموا الأبهاء الفسيحة ذات الأعمدة الشاهقة ,وكانوا يلجئون في إضاءتها إلى جعل الأعمدة الوسطى أعلى كثيرًا من الأعمدة الجانبية وبذلك يدخل الضوء من خلال فرق المنسوب.
– معظم المعابد المصرية القديمة تتشابه في تخطيطها وتختلف عن المساجد والكنائس والأديرة.
– استغنى المهندس المصري عن الفتحات الكبيرة لذلك ظهرت المباني كمسطحات كبيرة واسعة خالية من أي فتحات ملحوظة سوى ما بها من أبواب.
رابعاً : الأعمدة الفرعونية وأنواعها
اعتمدت العمارة المصرية القديمة على استعمال عنصر العمود المبني من الحجر , واستعار المصريون أشكال من الطبيعة لتجميل الأعمدة، وقد حملت هذه الأعمدة فيما بعد، اسم الزهرة أو النباتات التي اتخذت شكلها. والعمود يقسم عادة إلى ساق وقاعدة وتاج تعلوه وسادة مربعة تفصل التاج عن كتلة البناء.
العمود البسيط: من أقدم الأعمدة في تلك الحضارة، وليس له تاج ولا قاعدة وقطاعه ذو أربع أضلاع متساوية.
الأعمدة النخيلية: هي أعمدة على هيئة النخل وتعد من أقدم أنواع الأعمدة, وتعتبر الأعمدة النخيلية من أجمل ما أخرجت العمارة المصرية وتتميز بشكلها الاسطواني الأملس حيث يقل قطرها في أعلاه وينتهي بشكل زعف نخيل مربوط برباط من خمسة أشرطة ونراه في معبد إدفو.
أعمدة اللوتس: عمود على شكل زهرة اللوتس المفتوحة أو المقفولة ولكن جسم العمود على شكل حزمة مكونة من أربعة او ستة سيقان من عروق اللوتس المستديرة ومربوطة مع بعضها برباط مكون من خمسة أشرطة.
العمود الحتحوري: نسبة للإله حاتور ويرمز إليه .تاجه مكعب الشكل وله أوجه يظهر عليها الإله حاتور أو رمزه ويعلو التاج مكعب يماثله في الحجم وهو تاج إضافي منقوش.
أعمدة البردي: تعتبر من أهم الأعمدة النباتية وأكثرها انتشارًا. و لقد كان الغرض من هذه الأعمدة بمثل هذه الهيئة لأهمية البردي في الطعام وصناعة الورق والحصير والسلال والنعال والحبال والقوارب وبعض الباقات الجنائزية ,وتاجه على شكل نبات البردي وجسمه بيضاوي وليس مستدير مثل شكل عروق النبات.
الأعمدة المركبة: يرجع تاريخها إلى عهد البطالسة ويتكون تاج العمود من طبقتين من البردى على شكل مضلع بعضها فوق بعض ويتكون من مجموعها حزمه كبيرة.
الأعمدة المربعة: بسيطة وأبعادها بنسبة 1:4 وقد صنعت من أحجار الجرانيت الصلبة ولم يكن بها أي زخرفة بل اكتفى بتأثير لون المادة نفسها, واستمرت تلك الأعمدة فيما بعد وأضيفت إليها بعض الزخارف أو الصقت بها تماثيل الإله اوزوريس كما يوجد في معبد الرمسيوم.
الأعمدة المستديرة: بدأت في عهد الدولة القديمة وكانت للأعمدة قواعد تبرز عن العمود بحيث توزع ثقل العمود على الأساس وتمنع تسرب الرطوبة للعمود نفسه فلا يتآكل مع الزمن.
العمود ذي القنوات: يسمونه ما قبل الدوري ويقول البعض أن أصله فرعوني .وظهر هذا العمود في مقابر بني حسن المحفورة في الصخر وكذلك ظهر في مباني الدير البحري.
عمود الزهرة المقلوبة: على شكل كأس زهرة اللوتس وتم رسمها بشكل مقلوب ,ويوجد في معبد الكرنك.
خامساً : المسلات
– عبارة عن كتلة حجرية من الجرانيت طويلة ذات أربعة أوجه، وتكون دائما مصقولة ويعلوها هرم يكسوه الذهب أو النحاس وعادة ما كان يوضع اثنان منها أمام واجهات المقابر والمعابد.
– كانت توضع كعلامة مميزة لمكان المعبد ليسهل الوصول إليه حيث كانت المباني السكنية في مناطق متفرقة.
– توجد مسلات ذات شكل خاص كمسلة “ بجيج ” فى الفيوم قطاعها مستطيل الشكل وقمتها ليست هرميه بل مستديرة، فى سطحها العلوي ثقب كان يثبت فيه رمز معدني .
– لا يزال حتى الآن توجد مسلة ضخمة في محجر أسوان تعتبر من أضخم المسلات في العالم إذ يصل طولها إلى 41.75 م وطول قاعدتها المربعة 4.20م وتزن 1168 طن. وقد تركت في مكانها لشرخ أصابها بعد أن تم تخطيطها وتفريغ كل ما حولها من أحجار ليسهل تخليصها من سطح الجبل وتعرف هذه المسلة بالمسلة الناقصة.
ختامًا
لقد تناولنا في هذا الجزء من العمارة الفرعونية العوامل التي أثرت عليها , كما تعرفنا على مميزات العمارة الفرعونية ومواد البناء المستخدمة آنذاك , كما تحدثنا عن أنواع وطرز الأعمدة والمسلات ,وفي الجزء الثاني سوف نتعرف على أهم العمائر الفرعونية بكل أنواعها من معابد ومقابر ومساكن وغيرها , تابعونا …
المصادر
خطوات تطور المعابد وأنواعها في مصر الفرعونية القديمة